هواجس الوداع لاتقلها

هواجس الوداع



يَا حَبِيْبِى أَنَا لا أَرْجُو عَلَى حُبُّكَ أَجْرَا
أَنَا لا أَطْلُبُ أَنْ تَجْعَل لِى قَلْبِكَ قَصْرَا
أَنَا لا أَطْمَع فِى بَابِل أَو إِيْوَان كِسْرَى
كُلُّ مَا أَرجُوهُ أَنْ تَحْنُو عَلَى الأحْلامِ صَدْرَا
وَتُحِيْلُ الجَوَّ تَحْنَانَا ، وَإِحْسَانًا ، وَبِرَّا
غَيْر أَنِّى يَا حَبِيْبِى لَسْتُ أَخْفِى عَنْكَ سِرَّا
أَنَا أَحْيَا فِى صِرَاعٍ مِنْ دَمِى تِيْهًا وَكِبْرَا
فَأَمَانِى ، بِرغْمِ الحُبِّ ، أَحْرَارٌ وَأَسْرَى
هُنَّ أَحْرَارًا لأنَّ الله صَاغَ القَلْبَ حُرَّا ..
هُنَّ أَسْرَى كِبْرِيَائِى ، وَهِى بِى أَولى وَأَحْرَى
كِبْرِيَائِى هِى ، مِنْ كُلِّ المُنَى أَعْظَم قَدْرَا
فَإِذَا مَا صُنْتهَا لِى ، بَاتَ لِى حُبُّكَ ذُخْرَا
وَانْجَلَى الليْلُ ، وَأَضْحَى العُمْرُ فِى قُرْبِكَ فَجْرَا
تَتَغَنَّى فَتَرَانِى كَالصَّدَى يَرْجعُ فَوْرَا ..
وَتُنَادِى .. فَتَرَانِى لَسْتُ أُعْصِى لَكَ أَمْرَا
تِلْكَ أَحْلامِى . وَمَالِى مِنْ مَنَى فِى الكَونِ أُخْرَى .
***


لا تقلها



لا .. لا تَقُل لِى أَبَدًا : إِنِّى مُسَافِرٌ غَدَا
أَتَهجُر القَلْبَ الذِى غَيرَكَ مَا تَعَبَّدَا ؟
أَتَتْرُكَ العُصْفُورَ فِى وحْدتِهِ مُقَيَّدَا ؟
وَأَنْتَ مَنْ كُنْتَ لَهُ عَلَى الزَّمَانِ مُسْعدَا
وَأَنْتَ مَنْ كُنْتَ لَهُ مِنَ الحَنَانِ مَوْرِدَا
فَرَشْتَ فِى دُرُوبِهِ لآلئًا وَعَسْجَدَا
سَكَبْتَ فِى كُؤوسِهِ مَلاحِمًا ، فَغَرَّدَا
جَعَلْتَ مِنْ كُلِّ الفُصُولِ للرَّبِيعِ مَوْلِدَا
كُنْتَ لَهُ أَجْمَلَ مِنْ أَحْلامِهِ وَأَبْعَدَا
كُنْتَ لَهُ خَمِيْلَةً ، وَوَطَنًا ، وَمَعْبَدَا ..
*
لا .. لا تَقُلْهَا أَبَدًا .. إِنَّ غَدًا لَنْ يُولَدَا
إِنَّ غَدًا لَنْ تشْرِقُ الشَّمْسُ عَلَيْهِ أَبَدَا
سَيَلْبِس النُّورُ إِذَا غِبْتَ سِتَارًا أَسْوَدَا
وَيَذْبُلُ الرَّوْضُ ، وَلا يَحْتَضِنُ الزَّهْرُ النَّدَى
وَيَعُودُ الإعْصَارُ فِى سكْرَتِهِ مُعَرْبِدَا
كَأَنَّه مِنْ غَضَبِ اللهِ عَلَى اليَوْمِ صَدَى
يَومَئِذٍ ، أُهِيْمُ بِالرُّوحِ عَلَى غَيْرِ هَدَى
أَمُدُّ فِى ضَرَاعَتِى لِلقَدَرِ العَاتِى يَدَا
لَعَلِّى أَلْقَاكَ فِى بَعْضِ مَتَاهَاتِ المَدَى
لَعَلَّ فِى الغَيْبِ لَنَا مَعَ الرَّجَاءِ مَوعِدَا .
*
لَعَلَّنِى أَدْنُو إلَيْكَ .. يَا أمِيْرِى المُفَدَّى
فَيَطْلَعُ البَدْرُ .. وَتَخْشَعُ النُّجُومُ سُجَّدَا
وَيَعْبَقُ العِطْرُ .. وَيَرْجِعُ الزَّمَانُ مُنْشِدَا
وَلا تَزَال لِى أَنَا مَدَى الحَيَاةِ سَيَّدَا .
***